((انتفاضات الشعب الفلسطيني ومرحلة السلام))

انتفاضات الشعب الفلسطيني ومرحلة السلام))

الانتفاضة الأولى وبداية الاعتراف بالكيان الغاصب

بدأت الانتفاضة الاولى (انتفاضة الحجارة) بعد صلاة فجر يوم 9/12/1987 من مخيم جباليا في قطاع غزة، وكانت ردا على قيام مغتصب صهيوني يقود شاحنة بالمرور فوق سيارتين لعمال فلسطينيين. وبعد خمسة أيام أي في 14/12/1987 اعلنت حركة حماس في بيان رسمي عن انطلاقتها من قطاع غزة. اعتمدت الانتفاضة سلاحا وحيدا تواجه به جبروت اليهود، وهو سلاح الحجارة.

وكان لهذه الانتفاضة أثر كبير في حصول القضية الفلسطينية على تعاطف دولي، استثمرته منظمة التحرير لتحريك عملية السلام حيث تبنى المجلس الوطني الفلسطيني بدورته المنعقدة في الجزائر في 15/11/1988 قراري مجلس الامن الدولي 242 و 181 الداعيين الى تقسيم فلسطين، معترفا بذلك ضمناً بالكيان الغاصب.
تلى ذلك اعلان "ابوعمار" استقلال فلسطين واقامة الدولة الفلسطينية على أراضي الضفة وغزة.

في إبريل 1989 كلف المجلس المركزي الفلسطيني "ابوعمار" برئاسة الدولة الفلسطينية. وفي 2/5/1989 خلال زيارة رسمية الى باريس (اول تكريس لعلاقات دبلوماسية مع دولة غربية) اعلِن ان الميثاق الوطني الفلسطيني أصبح (لاغياً).
أعلن عن تشكيل حزب الاتحاد الديموقراطي – فدا - بتاريخ 3/3/1990.

مؤتمر مدريد للسلام

في 30/10/1991 عقد مؤتمر السلام في مدريد، فكان هذا أول مؤتمر يشارك فيه العرب مع العدو الصهيوني، لكن هذه المفاوضات لم تثمر عن شيء، سوى أن عمل الانتفاضة قد تراجع كثيراً لأن الشعب الفلسطيني قد أنهك من خلال فترة طويلة من المقاومة ، وبدأ بصيص الأمل يتسرب إلى الشعب بالحلول السلمية في محاولة لتخفيف عناء الشعب ورفع الضغط المستمر عليه.

في عام 1992 بينما المفاوضات مستمرة، أعلنت حركة "حماس" عن انطلاق كتائب الشهيد "عز الدين القسام" الجناح العسكري للحركة ، وبدأت الحركة بانتهاج نهج جديد في أسلوب المقاومة.
وبينما المنظمة في مفاوضات علنية مع العدو في أمريكا، كانت تجري مفاوضات شديدة السرية في (أوسلو) بين بعض قيادات المنظمة والكيان الغاصب، واستمرت المفاوضات السرية 14 جولة في 10 عواصم لمدة عام ونصف.
في 7/12/1992 قام الكيان الغاصب بابعاد اكثر من 400 من قادة حماس والجهاد الاسلامي الى جنوب لبنان.
وبرز في هذا العام حزب الله اللبناني، حيث قام بشن عدة هجمات بصواريخ (الكاتيوشا) على مواقع العدو في شمال فلسطين، وبعض مواقع جيش لبنان الجنوبي في جنوب لبنان.

اتفاق أوسلو

في يوم 13/9/1993 أعلن عن توقيع (اتفاق أوسلو) للسلام والذي تعترف فيه منظمة التحرير بالكيان الغاصب رسمياً في مقابل أن تمنح منظمة التحرير حق الحكم الذاتي في غزة والضفة الغربية، على أن يتم في المرحلة الأولى تسليم غزة ومدينة أريحا. ثم يلي ذلك اتفاقات اخرى من المفترض أن تحل كل القضايا العالقة بما فيها القدس.
اجتمعت الفصائل الفلسطينية المعارضة لهذا الاتفاق في دمشق، وأعلنت تياراً فلسطينياً معارضاً لمنظمة التحرير.

أسباب اتفاق أوسلو

وحتى تكون الصورة مكتملة لا بد من ذكر بعض الاسباب التي قادت لهذا الاتفاق:

1- التراجع الاستراتيجي العربي الذي بدأ بخروج مصر من ساحة الصراع باتفاقيات كامب ديفيد.
2- خروج المقاومة من لبنان عام 1982 وانتهاء القوة المهددة للعدو في جنوب لبنان.
3- انهيار التضامن العربي والخسائر المالية والعسكرية الكبيرة التي حدثت بسبب حرب الخليج الثانية.
4- زعزعة الدعم العالمي للانتفاضة بعد حرب الخليج واعتبار الفلسطينيين مؤيدين للعراق.
5- انهيار الاتحاد السوفييتي وخلخلة التوازن العالمي، وانحصار ميزان القوى في العالم بدولة أمريكا فقط.

وقبل ان نختم هذه المرحلة لا بد ان نشير الى ان الانتقاضة المباركة الاولى (انتفاضة الحجارة) توقفت في شهر 5/1994 (بعد 79 شهرا من قيامها)، وبعد ان قدم الشعب الفلسطيني 1392 شهيدا بينهم 362 طفلا.

السلام في فلسطين والاردن ومرحلة الاغتيالات

في 5/7/1994 وصل "ياسر عرفات" الى غزة، واستقبل من قبل جموع حاشدة، وتسلم منصب رئيس السلطة الفلسطينية حسب الاتفاق الذي تم برعاية امريكية بين العدو والمنظمة.
في 26/10/1994 وقع الاردن معاهدة السلام الدائم مع دولة الكيان الغاصب في وادي عربة مقابل ان يحصل الاردن على حقوق الماء وتدعم اميركا الاقتصاد الاردني. توج هذا الاتفاق بافتتاح سفارتين في 7/12/1994 لكل من الاردن والكيان الغاصب لدى كل جانب.
في 26/6/1995 تم اغتيال المناضل الدكتور "فتحي الشقاقي" (مسؤول الجهاد الاسلامي) في مالطا، على يد الموساد الاسرائيلي. وفي 28/9/1995 تم توقيع اتفاق السلام بين السلطة الفلسطينية والعدو الصهيوني في البيت الابيض بحضور كلينتون، مبارك، حسين، عرفات ورابين الذي تم اغتياله في 5/11/1995 على يد احد المتطرفين اليهود.

جرت في هذه الفترة عدة محاولات لرأب الصدع في الساحة الفلسطينية كان اهمها بتاريخ 18/12/1995 حيث عقد مؤتمر للحوار بين السلطة الفلسطينية ممثلة ب "سليم الزعنون" وحركة حماس ممثلة بالمناضل "خالد مشعل"، الا ان كل هذه الجهود باءت بالفشل.
في العام 1996 ازدادت العمليات الاستشهادية، ورد العدو باغتيال المناضل "يحيى عياش" في شهر نيسان (شارك المناضل عرفات بتقديم العزاء لاهل الشهيد عياش)، ردت حماس بثلاث عمليات استشهادية (تم في هذه العمليات قتل 24 و 35 و 64 جندي ومستوطن عدا الجرحى).
في 25/7/1997 حاول الموساد الاسرائيلي اغتيال المناضل "خالد مشعل" في عمان. فشلت العملية وادت الى اطلاق سراح المناضل "الشيخ احمد ياسين".

الانتفاضة الثانية عام 2000 وحصار عرفات ومبادرة السلام العربية

في 28/9/2000 قام الارهابي شارون بدخول (تدنيس) المسجد الاقصى بحماية 3000 جندي صهيوني. هب الفلسطينيون للدفاع عن الاقصى، وقامت مصادمات عنيفة استشهد على أثرها 5 فلسطينيين في ساحات الاقصى. وكان هذا الحادث الشرارة التي اشعلت الانتفاضة الثانية.

ازدادت العمليات الاستشهادية في هذه الفترة، لتصل الى عشرات العمليات الجريئة، لقي في إحداها وزير السياحة الصهيوني "رحبعام زئيفي" مصرعه إغتيالا على يد أبطال من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رداً على استشهاد المناضل "ابوعلي مصطفى" الذي استشهد بقصف صاروخي لمكتبه في رام الله. وبدأت في مطلع عام 2001 مشاركة المرأة الفلسطينية في العمليات الاستشهادية، حيث كانت وفاء ادريس أول استشهادية تلتها دارين ابوعيشة ثم آيات الاخرس وهنادي جرادات وغيرهم. أظهر المناضل "ابوعمار" في هذه الفترة صموداً بالثبات على مواقف إعتبرها غير قابلة للنقاش وخصوصا الطروحات التي قدمها الرئيس الاميركي بيل كلينتون.
في تشرين الثاني 2001 تبرأ شارون من اتفاقات اوسلو.

وفي آذار 2002 قام الطيران المعادي بقصف مقر الرئيس الفلسطيني، ثم أتبع ذلك بعمليات عسكرية اطلق عليها (الجمعة الحمراء) أدت الى استشهاد اكثر من 50 فلسطينيا في الضفة والقطاع. كل هذه الاحداث تحصل وشعب فلسطين مستمر في الانتقاضة، مقدما الشهيد تلو الشهيد دفاعا عن فلسطين والاقصى.

في 27/3/2002 افتتحت القمة العربية أعمالها في بيروت بغياب أكثر من نصف الزعماء العرب، وأقرت مبادرة "الامير عبدالله" والتي اصبحت تعرف (بمبادرة السلام العربية).
والتي لم يتمكن الرئيس الفلسطيني من حضورها خوفاً من منعه من العودة الى مقره في رام الله.

في 29/3/2002 اقتحمت قوات الاحتلال مدينة بيت لحم وقصفت مقر الرئيس الفلسطيني واعتقلت بعض مرافقيه. وبذلك تم حصار الرئيس الفلسطيني في المقاطعة في رام الله.
في نيسان 2002 تم اعتقال المناضل مروان البرغوثي. وبنفس الشهر (3/4/2002) تم اجتياح مخيم ومدينة جنين، وقام العدو بارتكاب مذابح قتل وحشية وجماعية. لكن المقاومة في مخيم جنين كانت شديدة وملتهبة واعترف العدو بمقتل 13 من جنوده.
طالبت السلطة بفتح تحقيق رسمي (في المجزرة) لكن اميركا اعلنت في 19/4 رفضها اجراء التحقيق، ثم اعلنت في 5/5 انسحابها من معاهدة انشاء المحكمة الجنائية الدولية.
(نفس يوم انتهاء حصار كنيسة المهد في بيت لحم، الذي قضى بابعاد 26 مناضلا الى قطاع غزة و 13 آخرين الى بعض الدول الاوروبية).

مخيم جنين

خلال شهر ايلول 2002 صادر العدو المزيد من الاراضي الفلسطينية لاقامة جدار الفصل العنصري، وعوقت الدبابات انعقاد المجلس التشريعي الفلسطيني، ثم اقتحمت قوات العدو مقر الرئيس الفلسطيني ودمرت مباني السلطة في رام الله. بعد ذلك دعا مجلس الامن العدو الغاصب الى فك الحصار عن بقايا مقر الرئيس الفلسطيني لكنه لم يمتثل. خرج الفلسطينيون بعد منتصف الليل متحدين حظر التجول معلنين استعدادهم للدفاع عن مدنهم وقراهم ومقر الرئيس الفلسطيني. في 30/9/2002 كافأ الرئيس الاميركي "جورج بوش" العدو الصهيوني بتوقيعه قانونا يعترف فيه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.

في 28/1/2003 فاز "ارييل شارون" برئاسة الوزراء في حكومة العدو ليقر بعدها الاحتلال بناء جدار الفصل العنصري رسميا. وفي آذار استمر الضغط على الرئيس الفلسطيني لاستحداث منصب رئيس الوزراء (29/4/2003 شكلت اول حكومة فلسطينية). في 5/9/2003 وتحت ضغط اميركي، يدرج الاتحاد الاوروبي حركة حماس ضمن قائمة المنظمات الارهابية. وبعد 6 ايام يتخذ الكيان الصهيوني قرارا بامكانية ابعاد الرئيس الفلسطيني من الاراضي الفلسطينية بالقوة. في 12/11/2003 تشكيل حكومة فلسطينية موسعة برئاسة "احمد قريع". ازدادت العمليات الفدائية خلال هذه الفترة بمشاركة كافة الفصائل وخصوصا حماس والجهاد وكتائب الاقصى (فتح)، وبعضها كان عمليات مشتركة، مما أجبر العدو على طلب قيام هدنة لوقف اطلاق النار بتاريخ 10/1/2004. شرعت قوات الاحتلال باعمال المسح وبناء الجدار بتاريخ 15/1/2004.

استشهاد المجاهد البطل عبد العزيز الرنتيسي

في 22/3/2004 قامت قوات العدو باغتيال الشيخ المناضل "الشيخ احمد ياسين"،
تبعته في اقل من شهر (17/4) باغتيال المناضل "عبدالعزيزالرنتيسي"، ثم تبعته باقل من شهر (13/5) باجتياح مدينة رفح واغلاق الانفاق المؤدية الى مصر.

بلغت حصيلة الشهداء خلال الانتفاضة الثانية (انتفاضة الاقصى) 3394 شهيدا منهم 622 من الاطفال و 233 من النساء.
فيما أعلن مجلس المستوطنات الصهيوني أن عدد القتلى الصهاينة نتيجة انتفاضة الاقصى المباركة بلغ 1212 قتيلا. وهذا يوضح نسبة ارتفاع عدد قتلاهم الى عدد شهدائنا حيث وصلت النسبة الى (1-2.8)، أي مقابل اقل من 3 شهداء فلسطينيين كان يقتل صهيوني. وهذه نسبة لم تسجل سابقا خلال صراعنا مع هذا العدو الغاصب.

استشهاد الرئيس ياسر عرفات:

قبل ان نختم العام 2004 لا بد من الاشارة الى أن حالة الرئيس الفلسطيني الصحية بدأت تتدهور خلال شهر تشرين اول 2004، ففي يوم الثلاثاء 12/10/2004
ظهرت أولى علامات التدهور الشديد لصحة المناضل ياسر عرفات، ما استدعى يوم 25/10/2004 وصول 6 أطباء تونسيين الى رام الله.
استمر التدهور واعلن يوم 28/10 عن موافقة الرئيس الفلسطيني على نقله جوا الى فرنسا التي وصلها يوم 29/10. يوم 4/11 اعلن تلفزيون العدو عن موت الرئيس الفلسطيني سريريا.
وفي 11/11/2004 اعلن رسميا استشهاد المناضل الرمز "ياسر عرفات" الذي أقيمت له عدة مراسم رسمية وشعبية في فرنسا والقاهرة والاراضي ا