حديث الشهر

موضوع: حديث الشهر السبت مارس 31, 2012 9:25 am

بسم الله الرحمان الرحيم، ان الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيآت أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، و اشهد أن لا اله إلا الله و حده لا شريك له، و اشهد أن محمدا عبده و رسوله، يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و انتم مسلمون، يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا. يا أيها الذين امنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما. أما بعد فان خير الكلام كلام الله تعالى و أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم، و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.

بثت إحدى القنوات المغربية ليلة الأربعاء يوم 07 من فبراير على الساعة 9:50 دقيقة برنامج مهرجان مراكش للضحك وقعت فيه أحداث توحي بإصدار جديد لمسلسل استهداف الدين باسم الفن الذي هو في حقيقة الأمر عفن و شاركت فيه فعاليات من بلدان شتى حيث اتخذ طابعا فرنسيا فالعنوان كان باللغة الفرنسية و أيضا معظم المشاركين شاركوا باللغة الفرنسية و هذا من جملة الاستهدافات لان إضعاف المسلمين في لغتهم العربية يؤدي بهم إلى عدم فهم نصوص الكتاب و السنة وهذه المحاولات باءت و ستبوء بالفشل، لان الله عز و جل تكلف بحفظ كتابه و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم و هما باللغة العربية، فاللغة محفوظة يعيش لها الجهابذة الافداد و العلماء و الغيورون..

هناك مجموعة من المخالفات، و لا تقولوا إني متشدد إن قلت إن ا صل الفكرة هي مخالفة شرعية أيضا : "مهرجان مراكش للضحك"، نضحك على ماذا، على إخواننا الذين تغتصب أعراضهم ليلا و نهارا سرا و جهارا على ارض بلاد الشام، أنضحك على اشلاء الجرحى و آهات الثكالى و هم يستغيثون و كان الأمر لا يعنينا،نحن امة واحدة مهما فعل خصومنا و أعدائنا فالخير في شامنا و في يمننا و دعى لهما النبي بالبركة، أبى أن يدعو للعراق حينما كان يقول احد السائلين و في نجدنا يا رسول لله ثلاث مرات، و الشام قبل ما يعرف بسايس بيكو هي سوريا و فلسطين و الأردن, مزقت و لايهم لكنها ارض مباركة و هناك المعركة الفاصلة مع بني إسرائيل، و هناك تكون الفتن و الملاحم التي اخبرنا بها النبي صلى الله عليه و سلم، إن كنا نزعم أننا امة واحدة فلماذا هذا الضحك على الذقون، امة تباد و شعب يقصف و بيوت تدك على أهلها و يخر السقف عليهم إلى غير ذلك، ما يجري على ارض سوريا، ما عذرنا أمام الله تعالى، دعنا من التكلم عن الشعوب لان فيها حماسة و لن أتكلم عن الحكومات لاني لا أجيد فن السياسة لأنها لا تقوم على اسس و ضوابط شرعية فالسلامة في الابتعاد عنها.

أما قال الله تعالى :"وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر"، و تجد أيضا انه دائما توزع خطب على المساجد في موضوعات مختلفة لتلقى على الناس قصد الاستفادة منها و لا نجد لمثل هاته النوازل من نصيب،و لا يجتهد أئمة المساجد في القنوت و الدعاء و التضرع لرب العزة ليكشف الكربة عن إخواننا المستضعفين،و التقصير أيضا يشمل الأفراد فلا يجوز اتخاذ تقاعس أئمة المساجد عذرا تجيب به رب العزة جل و علا حين يسألك عن ما بذلته اتجاه إخوانك حين طلبوا نصرتك،حيث انه بإمكان كل فرد أن يقنت في بيته ليدعو لإخوانه، و يجب علينا أن نشكر الله تعالى كل الشكر على نعمة الأمن و الأمان في بلدنا المغربي،فقد سبقنا نبي الله إبراهيم فسال ربه الأمن و الأمان قبل ان يسأله اجتناب عبادة الأوثان، فلا تستقيم العبادة و لا تحلو إلا في ضل امن و أمان، و الخوف الذي يعيشه إخواننا لا يعلم حقيقته إلا الله تعالى إذن فلا بد من قيام الليل لأنه شرف الرجل و دأب الصالحين قبلنا،و قد وعدنا رب العزة جل و علا بالإجابة، ففي حديث النبي صلى الله عليه و سلم قال: " إذا مضى ثلث الليل أو شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري من يستغفرني فأغفر له؟ من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني أعطيه؟ حتى ينفجر الصبح".

إذن قدموا عذرا تجدوه عند الله تعالى لعله يعفينا من هذا التقصير الذي وقعنا فيه،و المؤسف جدا أن إعلامنا غيب هذا الموضوع تمام إلا من خلال رؤوس الأقلام، إذن فما معنى انه في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها الأمة الإسلامية و المشاكل التي تحيط بها من كل صوب و نحو يأتي إعلامنا بمثل هاته البرامج التي هي بمبعد عن حالنا و لا تمثلنا في شيء،و كل بلد بحسب مشاكله و مشارب أهله، و الحمد لله تعالى أن الله من علينا في بلدنا هذا بالتماسك و الترابط بمعنى انه لا طائفية في الإسلام لان بعض الناس يصطادون في الماء العكر و يسبحون ضد التيار و يريدون إثارة العصبية و النعرات الجاهلية و لا يمكن لأحد مهما بلغ كعبه أن يردع هؤلاء إلا العلماء الذين يعرفون العاقبة الوخيمة للعصبية، فلكل بلد همومه و مشاكله و تطلعاته..

جاء في فقرة من فقرات هذا المهرجان مهرج جزائري و هو ثمل، و مع الأسف تفتح القنوات لأصحاب العفن الفني، و بدا يستهزئ بالصلاة، و عوض إن نبكي على أنفسنا شاركناه في الاستهزاء و قد نهانا الله عز و جل عن مجالسة أهل الاستهزاء بالدين، قال تعالى:"و إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، و إنما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين"، و المؤسف أن هناك هيئة مكلفة بمراقبة ما يعرض في قنواتنا و مع ذلك نجد كل الموبقات من أفلام ماجنة و مسلسلات مدبلجة حتى بالدارجة و اشهارات للقمار، فمنهم من يجوع أبناءه لأجل دفع ماله طمعا في كسب الملايين، و الواجب علينا كطلبة علم إن نبين حكم الطمبولا و حكم الرسائل القصيرة التي ترسل قصد الفوز بشيء معين، فشريعتنا شاملة لكل الأحكام و شريعتنا مصلحة لكل زمان و مكان،فلا بارك الله من رزق يأتي من حرام، و نحن نعلم أننا حين نرد على أمثال هؤلاء نقابل بأنواع من الكلام البذيء الساقط و هذا لا يضرنا فنحن نتقرب بهذا إلى الله عز وجل، و نقول لهم إنكم تملكون إعلاما تمررون به ما تشاءون من باطل و نحن نملك كلمة الحق التي يبارك الله عز وجل فيها، و لو حيل بيننا و بين هؤلاء الفنانين و نهيناهم و نصحناهم فان كثيرا منهم سيرجع إلى الحق، لا لأننا نصحناهم و لكن لأنهم سمعوا كلام الله عز و جل الذي تلين له القلوب، نرجع إلى ما قاله هذا الكوميدي لإضحاك الناس هداه الله و هدى القائمين على هذه القنوات:دخلت إلى المسجد وقت صلاة الظهر( و طبعا هذا كله كذب و فقط لإضحاك الناس، قال النبي صلى الله عليه و سلم:" إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها جلسائه تهوي به في النار ابعد من الثريا" والحديث في مسند الإمام احمد)،فصلى إلى جانبي شاب فكبر الإمام، فمجرد ما قال الإمام : الله اكبر و بدأت أقرا الفاتحة بدا هاتف الشاب الذي بجانبي يرن و قد كان برمجه على أغنية "بفكر فيك" فبدأت اقرأ عوض الفاتحة "بفكر فيك" و في الركوع "ارددها" و في السجود أيضا إلى حين التشهد حيث ختمت الأغنية مع نهاية الصلاة، انظروا إلى ما قاله و لا حول و لا قوة إلا بالله، فالمرء يجب عليه أن لا يتكلم إلا بالكلام الصالح المفيد،و لنا في هذا عبرة في مريم عليها السلام التي قالت لقومها حين سألوها عن المولود الذي أتت به:"إني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا" فقالت ما أمرها به ربها جل و علا و لم تزد و لم تنقص.نقطة أخرى نود أن نرد بها عن من يقول انه ليس في الإسلام فسحة، نقول لهم ليس في الإسلام فسحة بمعصية، فما خلا من المعاصي و الآثام فهو جائز إلا إذا ورد فيه النهي، ففي ديننا كل الفسح، من الرياضة و السفر و غير ذلك و أيضا نذكر اثر الصحابة حين قالوا لرسول الله صلى الله عليه و سلم:"أو تمازحنا، فقال صلى الله عليه و سلم و لا أقول إلا حقا"، أيضا اثر النبي صلى الله عليه و سلم في سباقه لعائشة، و في ممازحته للعجوز حين سألته عن دخولها الجنة، فأجابها ممازحا: لا تدخل عجوز الجنة و أيضا في ملاعبته لعمير حين كان يقول له : يا عمير ما فعل النغيرو النغير طائر كان بحوزة هذا الصبي، فكان يسأله عن طائره إذن فشريعتنا استغرقت كل مناحي الحياة.

و نختم حديثنا بواقعة الصحابي الذي استشهد في احد الغزوات و قد كان يربط حجرا على بطنه من شدة الجوع الذي لم يمنعه من الغزو مع رسول الله، فجاءت أمه فوجدته ميتا فمسحت التراب عنه و قالت هنيئا لك الجنة، فسمعها النبي صلى الله عليه و سلم و ما كان ليؤخر البيان عن وقت الحاجة لان سكوته يعني إقراره بالأمر، فقال لها و ما يدريك انه من أهل الجنة، لعله كان يتكلم في ما لا يعنيه، فجعل النبي صلى الله عليه و سلم الكلام في ما لايعنيه مانعا من الشهادة رغم انه قتل في المعركة و بسيف العدو.

حينما كان النبي صلى الله عليه و سلم في طريقه الى غزوة تبوك، جعل بعض المنافقين يستهزؤون منه و من بعض الصحابة فوصله الخبر و وعاه صلى الله عليه و سلم، فجاءوا يعتذرون فأجابهم الله تعالى:" قل لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"، فلم يقبل الله عذرهم و لا نبيه صلى الله عليه و سلم رغم أنهم خرجوا في الحر و صبروا على العطش و الجوع، أما هؤلاء فإنهم في القاعات المكيفة و يأخذون الرواتب الباهظة، إننا ننكر ضياع الأموال في مثل هاته الأمور التي لاترجع علينا إلا بالخسارة، فالأولى ترشيد نفقة هذه الأموال في المسائل التي تعود بالنفع على البلاد و العباد فإلى الله المشتكى، قال الشاعر:

تالله لو علمت ما ورائك لما ضحكت و لأكثرت من البكا